أنشطة مودة

حوار مع رئيس مؤسسة مودة حول:

المواثيق الدولية وأثرها فى هدم الأسرة

 
على هامش الملتقي التربوي الخامس للقيادات النسائية، التقيت السيدة كاميليا حلمي، التى أيقظت عندي منذ سنوات طويلة وعيي المجتمعي إلى الخطر المستجد على كيان الأسرة بمفهومها الواسع، وإلى خطر إسقاط المواثيق الدولية على مجتمعاتنا الإسلامية وهدم قيمنا، وهنأتها لحصولها على الامتياز بشهادة الدكتوراه وعنوانها: "المواثيق الدولية وأثرها فى هدم الأسرة" من جامعة طرابلس، والتي أشرف عليها رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور رأفت الميقاتي.
 
- ممكن سيدتي التعريف عن نفسك باختصار، ونحن نعلم سعة نشاطك عالميًّا؟

• عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
 
• عضو الهيئة الاستشارية العليا لمعهد الأسرة الدولي التابع لاتحاد المنظمات الأهلية فى العالم الإسلامي في تركيا.
 
• عضو الجمعية العامة للهيئة الخيرية الإسلامية العالمية بالكويت.
 
• عضو مجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية بالسودان.
 
- نبارك لك بداية حصولك على الدكتوراه بتميُّز، ونود معرفة كيف بدأت فكرة التحضير لها؟
 
نبتت فكرة هذه الأطروحة من الواقع الذي عايشته على مدار أكثر من عشرين عامًا، شاركت خلالها في عددٍ كبيرٍ من المؤتمرات الدولية التي عقدتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة والطفل، وشاركت في دراسات تحليلية نقدية للمواثيق التي صدرت عن تلك المؤتمرات، والتي كشفت عن مخطط دولي لهدم الأخلاق بشكلٍ عام والأسرة بشكلٍ خاص، وضعته هيئة الأمم المتحدة بلجانها المتعددة، وصبته في عدد من المواثيق والاتفاقيات الدولية، ثم مارست كافة الضغوط على الحكومات لإلزامها بتلك المواثيق، ما بين ترغيب وترهيب، بالتلويح بالمساعدات لمن يقتات عليها، والضغوط العسكرية والسياسية لمن يرهبها.
 
وكان دورنا بالتشارك مع ثلة من العاملين في مجال حماية الأسرة والأخلاق، يتركز في رصد أبعاد ذلك المخطط الدولي، وأدواته وآلياته، ثم تعريف العالم بها. فما يجري في كواليس الأمم المتحدة لا يعلن، ولا بد من رؤيته رأي العين. دعوني أضرب لحضراتكم مثالاً واحدًا: في إحدى الجلسات الجانبية التي كانت تعقد بالتوازي مع الجلسات الحكومية، سمعنا النسويات الأمميات يقلن: "لقد فشلنا في استئصال الأصوليين Fundamentalist"، والمقصود بالأصوليين المنظمات الإسلامية والمسيحية المناهضة لأجندة الأمم المتحدة.
 
 أما الحل الذي توصلوا إليه فقد كان اختراق المنظمات الدينية، حتى إن صندوق الأمم المتحدة للسكان أصدر دليلاً حول كيفية عمل "شراكات مع المنظمات ذات الخلفية الدينية"؛ لاستغلالها في تمرير "خدمات الصحة الجنسية والإنجابية" لكل الأفراد من كل الأعمار، بغض النظر عن الحالة الزواجية، وتمرير"مساواة الجندر/النوع". وبالفعل بدأوا في اختراق بعض المنظمات الإسلامية، وتوظيف بعض القيادات الدينية في حمل وترويج تلك الأجندة الهادمة.
 
ومن هنا جاءت هذه الأطروحة؛ لتكون حلقة في منظومة كبيرة من الجهود العلمية المتضافرة، التي قدمها أصحاب الهمم العالية من الدعاة والمفكرين والعاملين ممن وعوا أبعاد الهجمة العالمية على الأخلاق والأسرة، وانبروا للتصدي لها بكل ما أوتوا من وقت وجهد.
 
أما عن شجرة الأطروحة، فقد تفرعت في بابين:
 
 الباب الأول: تناول السياسات والاستراتيجيات التي وضعتها الأمم المتحدة لهدم الأسرة. والتي سارت في مسارين:
 
المسار الأول: صرف الشباب عن الزواج للحيلولة دون تكوين أسر جديدة، وذلك من خلال تضييق باب الحلال ورفع سن الزواج الشرعي، وفى الوقت نفسه فتح الباب واسعًا أمام ارتكاب الفواحش من زنا وشذوذ بعد تعظيمها وإدخالها ضمن منظومة "الحريات الأساسية وحقوق الإنسان العالمية"، حتى لقد تم تخصيص بعض الوثائق للمطالبة بحقوق الداعرات، والتي منها: إباحة "الدعارة" فى القانون، وعمل "نقابة للعاملات فى الجنس التجاري"، وإلغاء كل القوانين التى تعاقب من يبيع أو يشتري تلك البضاعة الخبيثة. حتى إنها عدت رجل الشرطة الذي ينفذ القانون في منعها، هو من أعداء حقوق الإنسان!
 
أما المسار الثاني لسياسات واستراتيجيات هدم الأسرة.. فيركز على هدم الأسر القائمة بالفعل، عن طريق تطبيق نظرية معروفة، يترجمها المثل العامي "المركب التى لها رئيسان تغرق"، فكرست كل جهودها لمحاربة القوامة، حتى عدت قوامة الرجل في الأسرة "عنف أسري"، وطالبت جل المواثيق الدولية الخاصة بالمرأة بإحلال "التقاسم" و"الشراكة" محل القوامة. ومن أجل الإجهاز على الأسرة، اخترعت الأمم المتحدة جريمة جديدة أطلقت عليها جريمة "الاغتصاب الزوجي" و"العنف الجنسي من الشريك"؛ لتعطي المرأة صلاحية شكاية الزوج بتهمة الاغتصاب أو التحرش، ليكون مصيره السجن ثم الطلاق المحقق على أقل تقدير..
 
أما في الباب الثاني، فقد ركزت على المظلات والآليات التي تمرر الأمم المتحدة من خلالها أجندتها الهادمة للأسرة، ومن تلك المظلات: مظلة حقوق الإنسان والحريات الأساسية، مظلة المساواة والقضاء على التمييز، مظلة القضاء على العنف ضد المرأة، مظلة الصحة ومقاومة الإيدز، مظلة التنمية الحضارية والتنمية المستدامة، مظلة حق المرأة فى السكن اللائق، مظلة العمل الإنساني، مظلة العمل، مظلة البيئة، ومظلة السلام.
 
أما الآليات التي تستخدم لتمرير أجندة الأمم المتحدة، فأهمها: التعليم، والإعلام، والمنظمات غير الحكومية، والقادة الدينيين، والضغوط المختلفة.. سواء كانت اقتصادية أو سياسية، والإلزام الدولي الذي يصل إلى حد إقحام مجلس الأمن ذاته، ومحكمة الجرائم الدولية لتتدخل وتفرض العقوبات الدولية على الحكومات التي تشمل قوانين الأسرة لديها على فوارق بين الرجل والمرأة، مثل: الميراث، والقوامة، والولاية، والتعدد، والعدة، والوصاية، والزواج والطلاق... إلخ.
 
والحل عندهم كان القضاء على الأسرة المحضن المسئول عن زيادة النسل، والمسئول عن تربية الشباب الحارس لبلاده.
 
ولتحقيق ذلك الهدف، سمحت هيئة الأمم المتحدة للنسويات الراديكاليات، أى المتطرفات، بالتغلغل إلى لجانها وهيئاتها المختلفة المسئولة عن صياغة المواثيق والاتفاقيات الخاصة بالمرأة والطفل، ليقمن بصياغة أفكارهن المشوهة فى تلك المواثيق، ثم تنتقل إلينا من خلال المؤتمرات الدولية للمرأة والطفل. وتتغلغل في قوانين الأسرة والأحوال الشخصية؛ لتكون العامل الأساسي في تغيير الثقافات والعادات على مدار السنوات.
 
وبهذا يتحقق مخطط "استئصال الأسرة" والقضاء عليها قضاءًا مبرمًا. وهو ما يلقي علينا جميعًا عبء استنهاض الأمة واستنفار الهمم لحماية الأسرة والأخلاق؛ لأنها معركة بقاء أو فناء.
 
- لا شك أن جهودك مع أخواتك من خلال التوعية إلى خطورة ما يحاك لقيمنا قد أسهمت ولو بدرجة محدودة إلى تشجيع مجموعة من الحركات التي تغار على تماسك الأسرة وأجيالنا المستقبلية، فجزاك الله خيرًا ونفع الأمة بعلمك، وأمدك بالصحة لتواصلي عطاءك.
 
المصدر: مجلة جنى، العدد 281، يونيه/حزيران 2019م.
 
 

(1 موضوع)

رئيسة جمعية النجاة الاجتماعية في لبنان